قصة غريبة غريبة جدا ذكرها الشيخ على الطنطاوي في بعض كتبه قال: دخلت أحد مساجد مدينة "حلب" فوجدت شابا يصلي فقلت – سبحان الله – إن هذا الشاب من أكثر الناس فسادا يشرب الخمر ويفعل الزنا ويأكل الربا وهو عاق لوالديه وقد طرداه من البيت فما الذي جاء به إلى المسجد.. فاقتربت منه وسألته: أنت فلان؟ !! قال نعم..
قلت: الحمد لله على هدايتك.. أخبرني كيف هداك الله؟؟ قال: هدايتي كانت على يد شيخ وعظنا في مرقص.. قلت مستغربا. في مرقص؟ !! قال نعم.. في مرقص!! قلت: كيف ذلك؟ قال : هذه هي القصة.. فأخذ يرويها فقال: كان في حارتنا مسجد صغير.. يؤم الناس فيه شيخ كبير السن… وذات يوم التفت الشيخ إلى المصلين وقال لهم: أين الناس؟!.. ما بال أكثر الناس وخاصة الشباب لا يقربون المسجد ولا يعرفونه؟!!.. فأجابه المصلون: إنهم في المراقص والملاهي.. قال الشيخ: وما هي المراقص والملاهي.. رد عليه أحد المصلين: المرقص صالة كبيرة فيها خشبة مرتفعة تصعد عليها الفتيات عاريات أو شبه عاريات يرقصن والناس حولهن ينظرون إليهن.. فقال الشيخ: والذين ينظرون إليهن من المسلمين؟ قالوا: نعم.. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله .. هيا بنا إلى تلك المراقص ننصح الناس .. قال له: يا شيخ.. أين أنت.. تعظ الناس وتنصحهم في المرقص؟!
قال: نعم.. حاولوا أن يثنوه عن عزمه وأخبروه أنهم سيواجهون بالسخرية والاستهزاء وسينالهم الأذى فقال: هل نحن خير من محمد صلى الله عليه وسلم؟!وأمسك الشيخ بيد أحد المصلين ليدله على المرقص.. وعندما وصلوا إليه سألهم صاحب المرقص: ماذا تريدون؟!! قال الشيخ: نريد أن ننصح من في المرقص.. تعجب صاحب المرقص .. وأخذ يمعن النظر فيهم ورفض السماح لهم.. فأخذوا يساومونه ليأذن لهم حتى دفعوا له مبلغا من المال يعادل دخله اليومي. وافق صاحب المرقص.. وطلب منهم أن يحضروا في الغد عند بدء العرض اليومي.. قال الشاب: فلما كان الغد كنت موجودا في المرقص..بدأ الرقص من إحدى الفتيات.. ولما انتهت أسدل الستار ثم فتح.. فإذا بشيخ وقور يجلس على كرسي فبدأ بالبسملة وحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدأ في وعظ الناس الذين أخذتهم الدهشة وتملكهم العجب وظنوا أن ما يرونه هو فقرة فكاهية .. فلما عرفوا أنهم أمام شيخ يعظهم أخذوا يسخرون منه ويرفعون أصواتهم بالضحك والاستهزاء وهو لا يبالي بهم.. واستمر في نصحه ووعظه حتى قام أحد الحضور وأمرهم بالسكوت والإنصات حتى يسمعوا ما يقوله الشيخ. قال: فبدأ السكون والهدوء يخيم على أنحاء المرقص حتى أصبحنا لا نسمع إلا صوت الشيخ، فقال كلاما ما سمعناه من قبل.. تلا علينا آيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية وقصصا لتوبة بعض الصالحين وكان مما قاله: أيها الناس.. إنكم عشتم طويلا وعصيتم الله كثيرا.. فأين ذهبت لذة المعصية؟ لقد ذهبت اللذة وبقيت الصحائف سوداء ستسألون عنها يوم القيامة وسيأتي يوم يهلك فيه كل شيء إلا الله سبحانه وتعالى …. أيها الناس.. هل نظرتم إلى أعمالكم إلى أين ستؤدي بكم إنكم لا تتحملون نار الدنيا وهي جزء من سبعين جزءا من نار جهنم فكيف بنار جهنم.. بادروا بالتوبة قبل فوات الأوان.. قال : فبكى الناس جميعا.. وخرج الشيخ من المرقص وخرج الجميع وراءه وكانت توبتهم على يده حتى صاحب المرقص تاب وندم على ما كان منه
كان متأثرا من قصته.. كيف لا وقد أتى على محرمات كثيرة الخمر.. الزنا.. الرقص.. الخ. كل هذه كانت من معشوقاته. ونتركك – عزيزي القارئ- مع مجريات الأحداث التي مرت على التائب ع.أ.س وهو يحدثنا فيقول: من كرم الله على عباده أنه يمهلهم ولا يهملهم.. وقد سبقت رحمته غضبه وإلا فما الذي يمنعه سبحانه أن ينزل عذابه وعقابه بعباده متى شاء (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) ولعل الله أراد بي خيرا فقد كنت دائم التفكير في سوء الخاتمة وأسأل نفسي سؤالا: ما الذي يمنعني من الصلاة مثلا؟ فكانت نفسي والشيطان عونا علي. تنقلت من دولة إلى دولة.. اليونان إلى فرنسا إلى هولندا وكندا وأمريكا وغيرها.. وفي أمريكا أمضيت ما يقرب من ثلاث سنوات.. لا أذكر أني صليت سوى جمعة واحدة في المسجد. وكان داعي الفطرة السليمة والبيئة التي عشت فيها صغيرا يدعوني إلى الله .. ولكن الشيطان استحوذ علي فأنساني ذكر الله. أمضيت تلك السنين في أمريكا وأنا بين مد وجزر.. هناك أصدقاء ملتزمون كانوا يزورونني لحرصهم على هدايتي فكان عندي الميل لهؤلاء وأتمنى أن أكون مثلهم في تعاملهم وسلوكهم وطاعتهم لربهم.. وفي المقابل كنت دائم الاستعداد لتلبية دعوة الشيطان.. فتجدني كل عطلة أسبوعية أطارد المراقص المشهورة من الديسكو والروك آندرول.. لم أكن أتناول الخمر في البداية.. وكان الجهاد صعبا في بيئة موبوءة بالفساد والانحلال.